حكايات غنية بالرموز والورود والألوان حيوانات ثمينة في مجوهرات فاخرة

إذا فكر المرء طويلاً لوجد أن علاقة الإعجاب وربما الود، وأحياناً الخوف والرهبة التي تربط الإنسان بالحيوان، لا حدود زمنية لها. رسم الإنسان القديم أشكال الحيوانات على جدران الكهوف التي سكنها ووضع أسنانها وعظامها في قلائد حول يديه كدليل على قوته وحمايته من بطشها وللزينة أيضاً. تطورت العلاقة بينهما وصارت هذه الحيوانات مصدر الهام لمصممي المجوهرات في ألوانها وأشكالها، لكل منها سرها وخصوصيتها الجمالية. وقد ربطت الكثير من دور المجوهرات تصاميمها بالحيوانات، فمن لا يعرف نمر كارتييه، وفراشات فان كليف آند آربلز وطيورها، ومن لم ير مجموعة “أنيمال وورلد” الفاخرة من شوبارد وأفاعي بوشيرون وبولغاري.

تحاكي المجوهرات المستوحاة من أشكال الحيوانات غرائز الإنسان الرئيسية. فشهوانية الأشكال، وسحر مملكة الحيوان، وغموض الطبيعة، تأخذ جميعها أشكالاً وأدواراً في تصميم أحدث المجوهرات.

يمكن لمحبي الحيوانات الاختيار بين سمكة مزينة بالصفير أو الألماس، أو حتى ثعابين نقشت بأحجار كريمة، وصولاً إلى الضفادع الملونة والعقارب المزخرفة والقطط والأسود والنمور المفترسة والفراشات الرقيقة والنحل النشيط. 

تأتي معظم الحلى التي تأخذ أشكال حيوانات إما في بروشات أو حلى صغيرة تعلق بسوار الساعة أو القلادات والأساور. تعتبر المجوهرات على شكل حيوانات في عدد من الثقافات جالبة للحظ، وترتدى لجلب الطالع الجيد. 

مملكة الثعابين

كان الثعبان ولا يزال رمزاً محبباً لصناع المجوهرات منذ القدم. تعود شهرة الثعبان رمز الشهوانية بامتياز، إلى بداية التاريخ، فقد ارتبط بخرافات وأساطير الأقدمين، منذ أوقع ثعبان بحواء في الجنة، تحوّلت الزواحف المنزلقة هذه رمزاً للإغواء.

فعلى مر التاريخ لم تمثل أي من الحيوانات على الإطلاق برمزية كما الثعبان. يقدم شكل الثعبان نفسه خياراً مثالياً لصناعة المجوهرات لأنه يلف الإصبع والمعصم والذراع والعنق، بمعادن ثمينة ترصعها الأحجار الكريمة لتصير قطع زينة لا خطر فيها.

رومانسية الفراشة 

تدل الفراشة بمختلف مراحل حياتها على انبعاث الحياة من جديد. تحمل رفرفة أجنحتها وتراقصها بحرية وعفوية في الفضاء الفسيح الكثير من الرومانسية والأمل.

رأت فيها ثقافات وشعوب رمزاً لمثاليات وأحلام وأمنيات فصارت أشبه بأسطورة. جسّدت في بعض الثقافات فعل القيامة، وفي أخرى التبدّل الجذري والانتقال من مرحلة إلى أخرى لا تشبه التي قبلها بشيء، فيها الجمال والحرية والانطلاق نحو الأفق الفسيح بخفة احتفالية رائعة.

ارتبطت الفراشة بالروح والإيمان فخرجت من كونها مجرد حشرة ضعيفة، لتكون رمزاً للحب الأزلي عند الرومان والروح عند الإغريق. ترشرش برفرفة جناحيها الفرح والألوان، تتراقص في الفناء، تنتقي الأزهار واحدة واحدة، تتقن جيداً لعب جنيات القصص الخرافية مدغدغة بحنيّة أحلام الطفولة البريئة.

قصص السمك

للسمك حضور قوي في الحضارات على مرّ الأزمنة، فالسمكة عند الصينيين ترمز للإخلاص والاتحاد فتقدم كهدية زواج، أما عند البوذيين فللسمكة طابع مقدس لأنها واحدة من الأشكال التي ظهر فيها بوذا. ينسحب الطابع الديني للسمكة إلى المسيحية أيضاً. أما الضفدع الذي اعتبر لفترة طويلة رمزاً للشر، فتحول في عصرنا هذا إلى رمز للثروة والمال. كذلك الهررة على أنواعها وأشكالها من نمور واسود وفهود تحمل في طياتها مجموعة من الرموز، من حكمة وذكاء وغموض وحذر ويقظة واستقلالية.

رفرفة الطيور

للطيور مكانة مرموقة في عالم المجوهرات فقد حافظت على حضورها منذ القدم وحتى اليوم. ورافقت الجارحة منها الحكام والأبطال وظهرت في الرايات رمزاً للقوة. أما العصافير المغردة فكانت رمزاً رومانسياً ولا تزال، هي روح الإنسان التوّاقة إلى الحرّية، تمثّل تلك النزعة التي ترافق الإنسان طوال حياته بالانطلاق في الفضاء الفسيح والتحليق بعيداً عن أية حدود.

يمثل أبو الحن Robin الربيع المقبل بألوانه ودفئه وشمسه، وللحمام الأبيض سمعة نبيلة لأنها تترافق دائماً مع الولاء والشجاعة والسلام.

يختلف التصنيف مع الطاووس رمز الغرور والجمال في آن معاً وايضًا الثراء. أما الصقر فرمز الحرية والنصر. واعتُبِر العصفور الطنان Humming Bird رسول وسدادة الزمن بسبب سرعته. يمثل بألوانه وحركته الحب والفرح والجمال. ولان هذا الطائر يجيد أصول الطيران إلى الخلف فهو يشير الى امكانية العودة بالزمن إلى الوراء، وحبه للزهور التي يقتات من رحيقها يعلّمنا انه ينبغي لنا تذوق كل لحظة.

البجعة رمز الرشاقة والهدوء. وتظهر رشاقة البجعة عندما تطفو فوق المياه في الأحواض بوداعة. تحمل بوقارها الحساسية والحب، والجمال، هي طير النور فتصور دائماً عند المغيب. أما النعام Flamingo، فيرمز إلى الجمال والتوازن.

تكرِّم دور المجوهرات من خلال مجوهراتها الكثير من الحيوانات، أحياناً لأسباب تجارية كما جرى هذه السنة عندما لجأ الكثير منها الى صياغة مجوهرات على شكل تنّين، وذلك احتفاء بسنة التنين الصينية. واحياناً اخرى يرتبط الأمر بلفت النظر الى حيوانات مهددة بالانقراض كما هي الحال مع المجوهرات التي تتخذ شكل دب الباندا أو الحوت الأزرق.