بمناسبة اليوم العالمي للحيوان 2020 أشكال الحيوانات في المجوهرات خصوصيّة جماليّة

بمناسبة اليوم العالمي للحيوان 2020
أشكال الحيوانات في المجوهرات خصوصيّة جماليّة

رسم الإنسان الأول أشكال الحيوانات على جدران الكهوف التي سكنها وصنع من أسنانها وعظامها في قلائد لاستجلاب قوتها وحماية نفسه من بطشها. ثم تطورت العلاقة بينهما وصارت هذه الحيوانات مصدر إلهام لمصممي المجوهرات في ألوانها وأشكالها، لكل منها سرها وخصوصيتها الجمالية يرتديها الناس للزينة والتباهي. ربطت الكثير من دور المجوهرات تصاميمها بالحيوانات فمن لا يعرف نمر Cartier، وفراشات  Van Cleef & Arpels وطيورها، وثعابين Boucheron وBulgari وأسماك ودلافين Chopard.
وتحاكي المجوهرات المستوحاة من أشكال الحيوانات مشاعر الإنسان الرئيسة. فشهوانية الأشكال، وسحر مملكة الحيوان، وغموض الطبيعة، تأخذ جميعها وأدواراً في تصميم أحدث المجوهرات.
يمكن لمحبي الحيوانات الاختيار بين سمكة مزينة بالصفير أو الألماس، أو حتى ثعابين رقطت بأحجار كريمة، وصولاً إلى الضفادع الملونة والعقارب المزخرفة والقطط والأسود والنمور المفترسة والفراشات الرقيقة والنحل النشيط. 
تأتي معظم الحلي التي تأخذ أشكال حيوانات إما في بروشات أو حلي صغيرة تعلق بسوار الساعة أو ترسم على مينائها أو تستوحي أشكالها في القلادات والأساور، حيث تعتبر المجوهرات على شكل حيوانات في عدد من الثقافات جالبة للحظ وطاردة للشر. 
وقد منحَت المجوهرات بأشكال الحيوانات جاذبية جمالية، فالتفت الثعابين بأجسادها المرقّطة الملتوية حول المعاصم والأعناق بوقار، وجلست النمور والأسود في عروش من قلادات وأساور خلابة بتصاميم روّضت المفترس، منها وزادت من وداعة الأليف، ومُنحت كل منها رمزية ودلالات تحاكي الخيال والسيكولوجيا الإنسانية؛ إذ جسّدت المجوهرات المصرية القديمة التي اتخذت شكل «العجول» الأمل بالولادة من جديد، وبينما اتخذ الفيل رمزاً للحكمة، وبقي ملك الغابة رمز القوة التي لا تقهر. 
ولم تغِبْ المجوهرات المستلهمة من أشكال الحيوانات على امتداد التاريخ، لكنها عرفت ابتداءً من العصر الجورجي ازدهاراً وتطواً مازال مستمراً حتى اليوم وإن اختلف زخمه أحياناً.
فقد ألهم اللؤلؤ الطبيعي بأشكاله الباروكية المصممين في عصر النهضة، الذين جعلوه جزءاً من أجساد الحيوانات خصوصاً الطيور. وقد تبدّل المشهد في العصرين الجورجي والفيكتوري وفي القرن العشرين وشهدت هذه الفئة من المجوهرات على مراحل مختلفة إبداعات جديدة مبتكرة بدءاً من الخنافس المضيئة التي صاغها المصمم رينيه لاليك ومروراً بتبني لويس كومفورت تيفاني الفن الحديث Art Nouveau الذي شكل عودة إلى الطبيعة واستخدام المواد المبتكرة، مثل الزجاج القزحي في زخرفة الميناء. كما وضعت Cartier نمورها المرقطة الناعمة بوقارها لتكون رمزاً لحقبة الجاز فملأت خزائن دوقة وندسور بأساور مزينة بشكل النمر المرقط، وميزتها بمشبك طائر الفلامينغو. وتطايرت فراشات  Van Cleef & Arpels لتبشر برومانسية أزلية وغلبة الحب والتوق للحرية. 
وأحدثت في ستينيات القرن الماضي طيور وأحصنة البحر التي صممها جان شلامبرغر لصالح دار Tiffany & Co. صدى في عالم المجوهرات الفاخرة. ولم تكُن دور مثل Bulgari و Boucheronو Chaumet بعيدة عن هذه الاتجاهات، فحضرت الزواحف والطيور على أنواعها والنحل الطنان وغيرها من الأحياء في مجوهراتها. حتى إن بعض المصممين تخصّصوا فقط في تصميم وصناعة المجوهرات بأشكال حيوانات مثل Elvira Cammarata في ميلانو. أما Chopard فتشكل إصدارات مجموعة Animal world التي بدأت قبل نحو 10 سنوات حدثاً متواصلاً من خلال إضافات متألقة جديدة إلى القطع الفريدة التي تصنع في مشاغلها السويسرية.
وقد شكل الثعبان رمزاً محبباً لصناع المجوهرات منذ القدم. وتعود شهرة الثعبان رمز الشهوانية بامتياز، إلى بداية التاريخ، فقد ارتبط بخرافات وأساطير الأقدمين، فقد تحولت الزواحف المنزلقة هذه إلى رمز للإغواء. ويقدم شكل الثعبان نفسه خياراً مثالياً لصناعة المجوهرات لأنه يلف الإصبع والمعصم والذراع والعنق، بمعادن ثمينة ترصعها الأحجار الكريمة لتصير قطع زينة. 
وتدل الفراشة بمختلف مراحل حياتها لانبعاث الحياة من جديد. أذ تحمل رفرفة أجنحتها وتراقصها بحريّة وعفويّة في الفضاء الفسيح الكثير من الرومانسية والأمل. وقد رأت فيها ثقافات وشعوب رمزاً للأحلام والأمنيات فصارت أشبه بأسطورة. 
وقد كان للأسماك حضور قوي أيضاً في الحضارات على ممر الأزمنة، فالسمكة عند الصينيين ترمز للإخلاص والاتحاد، وهي تقدم كهدية زواج، وتتخذ عند البوذيين طابعاً مقدساً لأنها واحدة من الأشكال التي ظهر فيها بوذا. وينسحب الطابع الديني للسمكة على المسيحية أيضاً. أما الضفدع الذي اعتبر لفترة طويلة رمزاً للشر، فتحول مع صناع المجوهرات المعاصرين إلى رمز للثروة والمال. أما الهررة على أنواعها وأشكالها من نمور وأسود وفهود فهي تحمل في طياتها مجموعة من الرموز، من حكمة وذكاء وغموض وحذر ويقظة واستقلالية.
وظلت للطيور مكانة مرموقة في عالم المجوهرات. إذ تعد الطيور الجارحة منها رمزاً للحكام والأبطال وباتت رمزاً للقوة. أما العصافير المغردة فكانت ولاتزال رمزاً رومانسياً، يعبر عن روح الإنسان التوّاقة إلى الحريّة، لتجسد النزعة التي ترافق الإنسان طوال حياته بالانطلاق في الفضاء الفسيح والتحليق بعيداً عن أي حدود.
ويمثل أبو الحن الربيع المقبل بألوانه ودفئه وشمسه، وللحمام الأبيض سمعة نبيلة لأنها تترافق دائماً مع الولاء والشجاعة والسلام. ويجسد الطاووس رمز الغرور والجمال والثراء في آن معاً. أما الصقر فهو رمز إلى الحرية والنصر. واعتبر العصفور الطنان رمزاً للزمن بسبب سرعته، وهو يمثل بألولانه وحركته الحب والفرح والجمال. ولان هذا الطائر يجيد أصول الطيران إلى الخلف يشير الى إمكانية العودة بالزمن إلى الوراء، وحبه للزهور الذي يقتات على رحيقها يعلمنا أنه ينبغي لنا تذوق كل لحظة. كما باتت البجعة رمزاً للرشاقة والهدوء. 
ولريش الطيور قصص أخرى تسرد مشاعر روحية متميزة، وقد استفاد صاغة المجوهرات من الدلالات التي حملت عبر الزمن للريشة كالحقيقة،  السرعة،الخفة، والرحلة، والصعود، فصاغوها في مجوهرات فاخرة.  
وتكرم دور مجوهرات من خلال مجوهراتها الكثير من الحيوانات، أحياناً لأسباب تجارية مثل الاحتفال بحلول سنة صينية جديدة. واحياناً اخرى يرتبط الأمر يلفت الأنظار إلى حيوانات مهددة بالانقراض كما هي الحال مع المجوهرات التي تتخذ شكل دب الباندا أو الحوت الأزرق.