تقييم أثر عام 2020 على سوق السلع الفاخرة في دول مجلس التعاون الخليجي

16 May, 2021

ما الذي يتطلبه الأمر لإعادة تنشيط مبيعات قطاع السلع الفاخرة  في المنطقة؟
بقلم سيريل فابر وآن لور مالوزات، مدة القراءة 4 دقائق

صحيح أن جائحة كوفيد-19 قد ألقت بظلالها وآثارها السلبية على سوق السلع الفاخرة العالمية، وإنما تفاوتت درجات هذه الآثار على الدول، والفئات، والعلامات التجارية في منطقة مجلس التعاون الخليجي. ومع ظهور بعض الاتجاهات الإيجابية في السوق، واستمرار العودة نحو التعافي، فهنالك أمل بالعودة النسبية إلى الوضع الطبيعي بين 2021 و2022، بعدما شهد سوق المنتجات الفاخرة في المنطقة تراجعاً بنسبة 17 ٪ في 2020.

سجل سوق السلع الفاخرة في دول مجلس التعاون الخليجي هبوطاً إلى 7.4 مليار دولار أمريكي في 2020، رافقته دينامكيات مختلفة اعتمدتها الدول بناءً على درجة حركة قطاعاتها السياحية والتوجه نحو الإنفاق داخل الدول. ورغم أن تراجع السياحة أضر بالسوق، فقد توجه مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي (الذين يشترون عادة ما بين 30٪ إلى 40٪ من سلعهم الفاخرة من خارج المنطقة) للإنفاق في دولهم. ولم تشهد الدول التي لا تعتمد بشكل كبير على السياحة، مثل الكويت وقطر والمملكة العربية السعودية، هذا المستوى من الانخفاض الحاد كما هو الحال بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث كان الأثر أقرب إلى متوسط الانخفاض العالمي البالغ 23٪ مقارنة بعام 2019.  

كان للتغير في تدفقات السياح أثراً كبيراً على السوق في 2020 والأشهر الأولى من 2021. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص، حيث يمثل السياح ما يصل إلى 60٪ من المشترين في سوق السلع الفاخرة، ضعُفت قوة شرائية كبيرة  لا يمكن التغاضي عنها بوتيرة سريعة نتيجة ما تسببت به جائحة كورونا من تداعيات كحظر السفر على نحو متواصل.

تدلّ أبحاث بين أند كومباني على وجود اختلافات واضحة في ديناميكيات السوق لعام 2020 حسب الفئة.
• المجوهرات: شهدت هذه الفئة انتعاشاً في النصف الثاني من جانب العملاء المحليين في دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة في المملكة العربية السعودية، بفضل حفلات الزفاف، والشراء بغرض الاستثمار، وإطلاق المجموعات الجديدة. وكانت المجوهرات الفئة الفاخرة الوحيدة التي حققت قيمتها نمواً خلال 2020، وإن اقتصر هذا النمو على نسبة 1٪ فقط. ومع تركز الإنفاق بالكامل داخل المملكة العربية السعودية، حققت أفضل العلامات التجارية النجاح ووسعت رقعة انتشارها في المملكة.
• الساعات: ألقى غياب السياح بثقله على هذا القطاع، حيث انخفضت صادرات الساعات السويسرية بنسبة 50٪ من حيث الحجم، وبنسبة 20٪ من حيث القيمة.
• منتجات التجميل: شهدت أسواق دول مجلس التعاون الخليجي انخفاضاً مماثلاً للانخفاض العالمي، ويرجع ذلك جزئياً إلى تجارة التجزئة في قطاع السفر، حيث تأثرت منتجات المكياج أكثر من العطور. ورغم ذلك، كان هناك تأثير إيجابي واحد: حيث شهدت هذه الفئة طفرة بفضل التجارة الإلكترونية، مع استعانة سكان دول مجلس التعاون الخليجي بشبكة الإنترنت لشراء أحدث المنتجات والإصدارات.
• الأزياء: تأثر الإنفاق السياحي والمحلي بالتحول نحو الملابس اليومية العملية. وكما هو الحال بالنسبة لمنتجات التجميل، شهد قطاع الأزياء ازدهاراً من خلال التجارة الإلكترونية، مع تفوق أفضل العلامات التجارية التي ركزت على العملاء المحليين.
ورغم التراجع على المستويين المحلي والعالمي في سوق السلع الفاخرة، شهدت التجارة الإلكترونية فورة في عام 2020. وأفاد قرابة 70٪ من المشترين من أصحاب الثروات الكبيرة في دول مجلس التعاون الخليجي، والذين كانوا عادة يتسوقون من المتاجر الفاخرة، إنهم مرتاحون للتسوق عبر الإنترنت. وبفضل الازدهار الواسع للتجارة الإلكترونية أثناء فترات الحجر المنزلي، فقد أشارت العديد من العلامات التجارية إلى أن مبيعاتها عبر الإنترنت نمت بمقدار ضعفين إلى ستة أضعاف.
ونتوقع أنه، بعد انتهاء الحجر المنزلي وإغلاق المحال التجارية، ستواصل التجارة الإلكترونية ازدهارها، حيث يقوم تجار التجزئة والعلامات التجارية باستثمارات كبيرة لتحسين تجربة المستخدم، الأمر الذي يساعد في تعزيز النمو.

في المرحلة المقبلة من عام 2021، يتوقع أن يسجل الإنفاق مستويات منخفضة قليلاً عن مستوياته في عام 2019، بافتراض العودة التدريجية للسفر في الربعين الثاني والثالث. ومع ذلك، سيكون الاعتماد على قدرة كل علامة تجارية على الاحتفاظ بحصة كبيرة من الإنفاق على الرفاهية، والذي كان ينفق في السابق خارج الدولة، مع التركيز على تحفيز السياحة على الإنفاق في المنطقة.
وباعتبار أن حوالي 40٪ من السكان هم في سن الـ 25 وما دون، فمن المرجح أن تظل المملكة العربية السعودية المحرك الأكبر لنمو قطاع السلع الفاخرة على المستوى الإقليمي في السنوات القادمة. ويشهد سوق السلع الفاخرة في المملكة تغيراً يعزى إلى عدة عوامل، ومن ضمنها النمو السكاني، والأذواق والتفضيلات الجديدة، وظهور مستهلكين جدد للسلع الفاخرة، ومن ضمنهم النساء العاملات الوافدات. وإلى جانب التركيبة السكانية المتنامية لمتسوقي المنتجات الفاخرة، يبرز التباين في التوجهات المتأثر بالمشاهير والمؤثرين. ومن منظور أشمل ، فإن صعود حدة المنافسة بين تجار التجزئة سيؤدي إلى الارتقاء بتجربة العملاء والمواهب وخدمة العملاء إلى مستويات أفضل.
وفي ظل توجه الشركات في كافة دول المنطقة إلى توظيف استثمارات بهدف الاستغلال الأمثل لهذه الاتجاهات ، سترى في عودة الانتعاش فرصة للتفوق على المنافسين في سوق السلع الفاخرة الذي يشهد تنامياً مطرداً.